رغم المجهودات التي قامت بها مجموعة من
الأقلام لإعادة اكتشاف مناطق الظل في التاريخ الحديث للمغرب، مازالت بعض الزوايا
معتمة وبعض الأحداث مطمورة في صدور أناس كاشوا الحدث أو كانوا من صانعيه،
وأخرى مازالت محصورة في ذاكرتهم الشخصية، الكثير من هؤلاء قضى نحبه لترحل معه
ذكرياته، بخصوص هذا الحدث أو ذاك، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة لكنه
أحجم عن الكلام المباح.
موضوع هذا العدد، حدث هام لم ينل حظه من الاهتمام، من بين أحداث كثيرة مازالت جملة من تداعياتها يلفها الظلام، علما أنه حدث تاريخي بكل المقاييس، إذ أن محاولة اغتيال الثلاثي: الملك والجنرال والمستشار دفعة واحدة، في نفس اللحظة وذات المكان، بمراكش سنة 1963، تعتبر أول محاولة اغتيال استهدفت رئيس الدولة، مخطط لها من الداخل، في وقت دشن فيه النظام السياسي انطلاقته نحو تكريس الاستبداد وحرمان الشعب من نعمة الحرية قصد تحقيق الآمال التي ضحى من أجلها الآلاف من أبنائه البررة.
نقدم للقارئ تفاصيل محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير وأحمد رضا كديرة بمراكش في فجر الستينات، حسب روايتين، الأولى على لسان محمد لومة، أحد العالمين بخبايا البيت الاتحادي منذ ولادته وأحد المناضلين الذين ساهموا بقسط وفير من حياتهم لتحقيق حلم المغاربة في التغيير، علاوة على أنه صاحب كتابي “الثورة الشعبية” و” الثورة الموءودة” والذي كرس حياته منذ سنوات لاستقصاء أخبار ووثائق ومستندات مغرب ما بين 1956 والثمانينات ولقائه المباشر مع العديد من رموز المقاومة وجيش التحرير والقادة الاتحاديين؛ أما الثانية فهي على لسان الراحل محمد بلحاج الأطلس، قيدوم المعتقلين السياسيين في مغرب الاستقلال وأحد المساهمين في الإعداد والتخطيط لأول محاولة اغتيال استهدفت الراحل الحسن الثاني كملك.
موضوع هذا العدد، حدث هام لم ينل حظه من الاهتمام، من بين أحداث كثيرة مازالت جملة من تداعياتها يلفها الظلام، علما أنه حدث تاريخي بكل المقاييس، إذ أن محاولة اغتيال الثلاثي: الملك والجنرال والمستشار دفعة واحدة، في نفس اللحظة وذات المكان، بمراكش سنة 1963، تعتبر أول محاولة اغتيال استهدفت رئيس الدولة، مخطط لها من الداخل، في وقت دشن فيه النظام السياسي انطلاقته نحو تكريس الاستبداد وحرمان الشعب من نعمة الحرية قصد تحقيق الآمال التي ضحى من أجلها الآلاف من أبنائه البررة.
نقدم للقارئ تفاصيل محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير وأحمد رضا كديرة بمراكش في فجر الستينات، حسب روايتين، الأولى على لسان محمد لومة، أحد العالمين بخبايا البيت الاتحادي منذ ولادته وأحد المناضلين الذين ساهموا بقسط وفير من حياتهم لتحقيق حلم المغاربة في التغيير، علاوة على أنه صاحب كتابي “الثورة الشعبية” و” الثورة الموءودة” والذي كرس حياته منذ سنوات لاستقصاء أخبار ووثائق ومستندات مغرب ما بين 1956 والثمانينات ولقائه المباشر مع العديد من رموز المقاومة وجيش التحرير والقادة الاتحاديين؛ أما الثانية فهي على لسان الراحل محمد بلحاج الأطلس، قيدوم المعتقلين السياسيين في مغرب الاستقلال وأحد المساهمين في الإعداد والتخطيط لأول محاولة اغتيال استهدفت الراحل الحسن الثاني كملك.
محمد لومة/ مقاوم ومؤلف
هكذا أجهضت أول محاولة لاغتيال الحسن الثاني
هكذا أجهضت أول محاولة لاغتيال الحسن الثاني
بدأ محمد لومة حديثه معلنا أن مدير جريدة
وطنية، متقاعد الآن لازال حيا يرزق، إذ سمع من فم بنسودة، مستشار الملك، وحينها كان
على بعد أقل من ثلاثة أمتار من الملك الحسن الثاني، الذي كان يجالس بن
سعيد آيت يدر، وذلك في غضون الثمانينات عندما عاد إلى المغرب، فقال له: “آبن
سعيد.. آ آ شتوكي.. وا آيت يدر.. كنتو غادي ساليو معايا في الجامع..
آه.. ولكن الأعمار
بيد الله..”، فرد بن سعيد من باب الأدب وهو محرج: “لا.. لا.. نعم
سيدي!” فقاطعه الملك الراحل
الحسن الثاني مؤكدا: “لا.. كاين هادشي.. هاذي قضية كاينة..”، لكن ما هي تفاصيل هذه
المحاولة على لسان والكاتب محمد لومة؟
على سبيل البدء
يفتتح محمد لومة حديثه موضحا أنه كان بصدد
العمل على هذا الموضوع موازاة مع اعتكافه على سيرته الذاتية التي كان قد شرع في
نشر حلقاتها الأولى على صفحات جريدة “الجمهور” التي توقفت عن الصدور
منذ مدة، إلا أنه فضل إعطاء الأولوية لمواضيع وأحداث أخرى تهم عددا كبيرا
من ضحايا سنوات الجمر والرصاص سعيا وراء مساعدة هيئة الإنصاف والمصالحة
على تسريع النبش في ملفات طلبات التعويض، سيما وأن أصحابها لم يكونوا
يتوفرون على وثائق الإثبات.
لقد أرجئ التأليف في قصة محاولة اغتيال الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة بمراكش سنة 1963، اعتبارا لكونها نازلة لم يعتقل بخصوصها إلا 15 شخصا، في حين هناك أحداث ونوازل ذهب ضحيتها مئات بل آلاف المغاربة، ومنها “الثورة الموؤودة” والتي همت 157 متهما و”الثورة الشعبية” والمرتبطة بـ 192 متهما وقضية شيخ العرب التي أجملت في 240 ملفا ومحاولتي الانقلابين العسكريين الفاشلين التي اكتوى بنارها 224 ضابطا وضابط صف، وفعلا اعتمدت هيئة الإنصاف والمصالحة على هذه الكتابات حسب ما أكده أمينها العام المحجوب الهيبة، والآن وقد توصل الضحايا بتعويضات مناسبة، يعود محمد لومة لهذا الموضوع الذي أرجأه.
وفي معرض حديثه أشار محمد لومة إلى استمرار وجود خصوم لازالوا يتحينون الفرص للانقضاض على كل عمل توثيقي، كما أن هناك عناصر قليلة من قدماء الحركة الاتحادية، الذين كانوا عملاء وتفانوا تحت راية مختلف الأجهزة الأمنية ويخشون مثل هذه الكتابات ويجتهدون، بكل ما أوتوا من قوة، في التشكيك بمصداقيتها، والحال أنها مستقاة من مئات المناضلين، منهم من لقوا حتفهم ومنهم من لازال حيا يرزق، ومن الوثائق القضائية والاستخباراتية.
أما النوع الثاني من الخصوم، في نظر محمد لومة، فهم أبناء الخونة والدائرين في فلكهم، والذين لازالوا يعيشون على المال الحرام وأساليب التدليس والسرقة والنهب والسيطرة على الأراضي المسلوبة.. هؤلاء يشوشون، لكن القافلة ستظل تسير و..
لقد أرجئ التأليف في قصة محاولة اغتيال الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة بمراكش سنة 1963، اعتبارا لكونها نازلة لم يعتقل بخصوصها إلا 15 شخصا، في حين هناك أحداث ونوازل ذهب ضحيتها مئات بل آلاف المغاربة، ومنها “الثورة الموؤودة” والتي همت 157 متهما و”الثورة الشعبية” والمرتبطة بـ 192 متهما وقضية شيخ العرب التي أجملت في 240 ملفا ومحاولتي الانقلابين العسكريين الفاشلين التي اكتوى بنارها 224 ضابطا وضابط صف، وفعلا اعتمدت هيئة الإنصاف والمصالحة على هذه الكتابات حسب ما أكده أمينها العام المحجوب الهيبة، والآن وقد توصل الضحايا بتعويضات مناسبة، يعود محمد لومة لهذا الموضوع الذي أرجأه.
وفي معرض حديثه أشار محمد لومة إلى استمرار وجود خصوم لازالوا يتحينون الفرص للانقضاض على كل عمل توثيقي، كما أن هناك عناصر قليلة من قدماء الحركة الاتحادية، الذين كانوا عملاء وتفانوا تحت راية مختلف الأجهزة الأمنية ويخشون مثل هذه الكتابات ويجتهدون، بكل ما أوتوا من قوة، في التشكيك بمصداقيتها، والحال أنها مستقاة من مئات المناضلين، منهم من لقوا حتفهم ومنهم من لازال حيا يرزق، ومن الوثائق القضائية والاستخباراتية.
أما النوع الثاني من الخصوم، في نظر محمد لومة، فهم أبناء الخونة والدائرين في فلكهم، والذين لازالوا يعيشون على المال الحرام وأساليب التدليس والسرقة والنهب والسيطرة على الأراضي المسلوبة.. هؤلاء يشوشون، لكن القافلة ستظل تسير و..
لماذا التفكير في محاولة اغتيال الملك بمراكش
بعد سنتين على اعتلائه عرش البلاد؟
يؤكد محمد لومة، أنه مبدئيا، ظلت العلاقة بين
المؤسسة الملكية والحركة الوطنية، علاقة احترام وتقدير وتبجيل، بل أحيانا، علاقة
تقديس وتأليه. إلا أن هذا الأمر لا ينفي تلك العلاقة التي كانت قائمة على
التنسيق، وذلك منذ سنة 1934 عندما قام الملك محمد الخامس بزيارته الشهيرة
إلى فاس وتعرف على الوطنيين الشباب، وكذا التنسيق القائم بين الزاوية ثم
الطائفة ثم كتلة العمل الوطني ثم الحزب الوطني، فحزب الاستقلال وحزب
الشورى والاستقلال، وتأكدت هذه العلاقة بمناسبة إعداد وثيقة الاستقلال التي
لعب فيها الملك محمد الخامس دورا مهما جدا، بل هو الذي حدد توقيت ومكان
تقديمها، وبالتالي،
فإنه في هذه المرحلة لم تكن تلك العلاقة تسمح بتدبير مؤامرات أو
انقلابات أو اغتيالات أو حتى
مجرد التفكير في ذلك.
ففي سنة 1956، عندما تم إحضار الملك محمد الخامس من مدغشقر إلى فرنسا، كان هناك اختياران، إما أن يذهب إلى مدينة “كان” أو العودة إلى العرش. فبعد عودته من منفاه إلى فرنسا كان على المغاربة أن يقرروا إما اعتماد نظام ملكي أو جمهوري، لكن الحركة الوطنية رفضت هذا الاختيار وحسمت في الأمر بلا رجعة، وكان جوابها “محمد الخامس إلى عرشه وبن عرفة إلى قبره”، وبذلك تم تحويل الملك محمد الخامس من مدينة “كان” إلى “سان جرمان أونلي” واعترف به الفرنسيون كمخاطب، ثم تلى ذلك الاتفاقيات التي تُوِّجت بـ “سان كلو” وعاد محمد الخامس كسلطان معززا مكرما، وظلت العلاقة مع محمد الخامس قائمة على هذا الأساس وذلك رغم الحكومات الهجينة وغير المتجانسة (حكومتي البكاي الأولى والثانية وحكومتي أحمد بلا فريج وحكومة عبد الله إبراهيم بأعاصيرها وأوراشها الشجاعة والتي لم يكن قد سبق لها مثيل في مغرب الاستقلال)، ورغم الخلافات العميقة القائمة آنذاك بين عبد الله إبراهيم (رئيس الوزراء) وولي العهد آنذاك (الملك الحسن الثاني)، ظل الاحترام سائدا في العلاقة بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية.
ويسترسل محمد لومة في جولته التاريخية الخاطفة، قائلا.. لكن اعتبارا من 1956 – 1960 بدأت الشروخ تظهر بين المؤسستين: الملكية والحركة الوطنية، لاسيما المقاومة وجيش التحرير والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أعضاء هذه التنظيمات، قياديون ومناضلون، أضحوا يتعرضون من طرف محمد أفقير ورضا كديرة ومناصري اللفيف الأجنبي وعملائه لمؤامرات وتلفيق التهم ظلما وعدوانا رغبة في تنحيتهم عن الساحة نهائيا.. لذلك بدأ المغرب يعرف أحداثا لم يكن يرغب أحد في حدوثها، مثل صعود مناضلي بني ملال إلى الجبل تحت قيادة البشير أوحمو ابتداءا من 19 مارس 1960، وتلى ذلك حملات اعتقال واسعة النطاق في عهد حكومة عبد الله إبراهيم، علما أن حادثة الصعود إلى الجبل تم تلفيقها لرئيس الوزراء (عبد الله إبراهيم) للنيل منه. كما أشار محمد لومة إلى الشهيد مولاي الشافعي والمطاعي بأمزميز وآخرين لقوا حتفهم في مواجهة الجيش الذي اعترض طريق صعودهم إلى الجبل.. علما أن هذه الحركات وغيرها كانت دفاعية لوقف الهجوم الشرس على الوطنيين ومسلسل إعفاء رجال السلطة الوطنيين من مهامهم والاعتقالات الواسعة التي انطلقت ابتداءا من فبراير 1960، مع اختطاف الفقيه البصري وسعيد بونعيلات وحسن الأعرج ومحمد منصور وبن سعيد آيت يدر وغيرهم على خلفية تهمة محاولة اغتيال ولي العهد المفبركة، والتي كانت من صنع عقلها المدبر، رضا كديرة، عبر صحيفته “ليفار” (المنارات)، ومن المعلوم أنه تم الاحتفاظ بالمختطفين 4 أشهر ونيف قبل الإفراج عنهم والإعلان عن حفظ ملف النازلة المفبركة.
لكن، يضيف محمد لومة.. موازاة مع ذلك، انطلقت سلسلة من الاعتقالات في صفوف المقاومة بالدار البيضاء، وشملت بنحمو الفاخري وبنموسى البرايمي والجابوني وغيرهم من المقاومين.
فكل هذه الأحداث المتسارعة وغيرها ساهمت في تعميق القطيعة بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية.
ومما زاد الطين بلة، حسب محمد لومة، بداية ظهور تجاوزات مقاومين قدامى التحقوا بالأجهزة الأمنية، في حق رفاقهم بالأمس القريب، بدأت المشاكل تتناسل مع إحداث مركز الأمن الوطني بـ “الحبس” بالدار البيضاء، عندما كان على رأسه الكومسير حسن الصغير تحت إشراف وإمرة المسؤول الأمني الإقليمي، إدريس السلاوي ووجود عشرات المقاومين السابقين، منهم “اعميشة وجمالي وبخاري وعبد الله الدكالي وأحمد الطويل وغيرهم، وهم الذين وضعت تحت تصرفهم مختلف إمكانيات الأمن الوطني لتصفية مجموعة من المقاومين المخلصين الرافضين لوضع السلاح والتخلي عنه باعتبار أن مهمتهم مازالت لم تكتمل بعد، وموضوع التصفيات هذا لم يوافق عليه فقط ولي العهد آنذاك، وإنما باركه أيضا محمد الغزاوي وإدريس السلاوي وكذلك عبد الرحمان اليوسفي، باعتباره رئيس المجلس الوطني للمقاومة وجيش التحرير. آنذاك، يقول محمد لومة، كانت مهمة مؤسسة الأمن الوطني بالدار البيضاء تكمن بالأساس في فتح معركة شرسة ودموية ضد رفاق الأمس. وضمن هذه العقلية تعرض كل من حمو الفاخري وبنحمو وبونعيلات والفقيه البصري، للتعذيب الشديد وصل حد الاغتصاب الجنسي.
ويواصل محمد لومة جولته التاريخية السريعة، بالإشارة إلى حملة 12 يوليوز 1963 ضد القيادة الاتحادية، إذ تمت محاصرة الكتابة العامة بمقر الحزب بالدار البيضاء واعتقال 102 عضوا من اللجنة المركزية، كما شملت ما يناهز 5000 مواطن. وما تسرب من معلومات من دار “المقري” وضح بجلاء التعذيب الشديد الذي تعرض له المعتقلون على يد الجهاز الأفقيري المكون آنذاك من مجموعة من الرعاع، جلبهم محمد أفقير من منطقة “عين الشعير” على الحدود المغربية – الجزائرية.
وهذا ما دفع الناجين من حملات الاعتقالات الواسعة إلى التفكير في أعمال هجومية على المؤسسة الملكية، في شخص الملك الحسن الثاني، المسؤول الأول على الأوضاع التي آل إليها المغرب آنذاك.
تلك عموما هي خلفية الإطار العام الذي برزت فيه فكرة إعداد محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة بمراكش في خريف سنة 1963، والتي كانت بمثابة رد فعل دفاعي للتصدي لحملة اعتقالات واختطافات شملت الآلاف واضطرار فرار العديد من القياديين إلى الجزائر ودخول الكثير منهم في السرية.
ففي سنة 1956، عندما تم إحضار الملك محمد الخامس من مدغشقر إلى فرنسا، كان هناك اختياران، إما أن يذهب إلى مدينة “كان” أو العودة إلى العرش. فبعد عودته من منفاه إلى فرنسا كان على المغاربة أن يقرروا إما اعتماد نظام ملكي أو جمهوري، لكن الحركة الوطنية رفضت هذا الاختيار وحسمت في الأمر بلا رجعة، وكان جوابها “محمد الخامس إلى عرشه وبن عرفة إلى قبره”، وبذلك تم تحويل الملك محمد الخامس من مدينة “كان” إلى “سان جرمان أونلي” واعترف به الفرنسيون كمخاطب، ثم تلى ذلك الاتفاقيات التي تُوِّجت بـ “سان كلو” وعاد محمد الخامس كسلطان معززا مكرما، وظلت العلاقة مع محمد الخامس قائمة على هذا الأساس وذلك رغم الحكومات الهجينة وغير المتجانسة (حكومتي البكاي الأولى والثانية وحكومتي أحمد بلا فريج وحكومة عبد الله إبراهيم بأعاصيرها وأوراشها الشجاعة والتي لم يكن قد سبق لها مثيل في مغرب الاستقلال)، ورغم الخلافات العميقة القائمة آنذاك بين عبد الله إبراهيم (رئيس الوزراء) وولي العهد آنذاك (الملك الحسن الثاني)، ظل الاحترام سائدا في العلاقة بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية.
ويسترسل محمد لومة في جولته التاريخية الخاطفة، قائلا.. لكن اعتبارا من 1956 – 1960 بدأت الشروخ تظهر بين المؤسستين: الملكية والحركة الوطنية، لاسيما المقاومة وجيش التحرير والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أعضاء هذه التنظيمات، قياديون ومناضلون، أضحوا يتعرضون من طرف محمد أفقير ورضا كديرة ومناصري اللفيف الأجنبي وعملائه لمؤامرات وتلفيق التهم ظلما وعدوانا رغبة في تنحيتهم عن الساحة نهائيا.. لذلك بدأ المغرب يعرف أحداثا لم يكن يرغب أحد في حدوثها، مثل صعود مناضلي بني ملال إلى الجبل تحت قيادة البشير أوحمو ابتداءا من 19 مارس 1960، وتلى ذلك حملات اعتقال واسعة النطاق في عهد حكومة عبد الله إبراهيم، علما أن حادثة الصعود إلى الجبل تم تلفيقها لرئيس الوزراء (عبد الله إبراهيم) للنيل منه. كما أشار محمد لومة إلى الشهيد مولاي الشافعي والمطاعي بأمزميز وآخرين لقوا حتفهم في مواجهة الجيش الذي اعترض طريق صعودهم إلى الجبل.. علما أن هذه الحركات وغيرها كانت دفاعية لوقف الهجوم الشرس على الوطنيين ومسلسل إعفاء رجال السلطة الوطنيين من مهامهم والاعتقالات الواسعة التي انطلقت ابتداءا من فبراير 1960، مع اختطاف الفقيه البصري وسعيد بونعيلات وحسن الأعرج ومحمد منصور وبن سعيد آيت يدر وغيرهم على خلفية تهمة محاولة اغتيال ولي العهد المفبركة، والتي كانت من صنع عقلها المدبر، رضا كديرة، عبر صحيفته “ليفار” (المنارات)، ومن المعلوم أنه تم الاحتفاظ بالمختطفين 4 أشهر ونيف قبل الإفراج عنهم والإعلان عن حفظ ملف النازلة المفبركة.
لكن، يضيف محمد لومة.. موازاة مع ذلك، انطلقت سلسلة من الاعتقالات في صفوف المقاومة بالدار البيضاء، وشملت بنحمو الفاخري وبنموسى البرايمي والجابوني وغيرهم من المقاومين.
فكل هذه الأحداث المتسارعة وغيرها ساهمت في تعميق القطيعة بين المؤسسة الملكية والحركة الوطنية.
ومما زاد الطين بلة، حسب محمد لومة، بداية ظهور تجاوزات مقاومين قدامى التحقوا بالأجهزة الأمنية، في حق رفاقهم بالأمس القريب، بدأت المشاكل تتناسل مع إحداث مركز الأمن الوطني بـ “الحبس” بالدار البيضاء، عندما كان على رأسه الكومسير حسن الصغير تحت إشراف وإمرة المسؤول الأمني الإقليمي، إدريس السلاوي ووجود عشرات المقاومين السابقين، منهم “اعميشة وجمالي وبخاري وعبد الله الدكالي وأحمد الطويل وغيرهم، وهم الذين وضعت تحت تصرفهم مختلف إمكانيات الأمن الوطني لتصفية مجموعة من المقاومين المخلصين الرافضين لوضع السلاح والتخلي عنه باعتبار أن مهمتهم مازالت لم تكتمل بعد، وموضوع التصفيات هذا لم يوافق عليه فقط ولي العهد آنذاك، وإنما باركه أيضا محمد الغزاوي وإدريس السلاوي وكذلك عبد الرحمان اليوسفي، باعتباره رئيس المجلس الوطني للمقاومة وجيش التحرير. آنذاك، يقول محمد لومة، كانت مهمة مؤسسة الأمن الوطني بالدار البيضاء تكمن بالأساس في فتح معركة شرسة ودموية ضد رفاق الأمس. وضمن هذه العقلية تعرض كل من حمو الفاخري وبنحمو وبونعيلات والفقيه البصري، للتعذيب الشديد وصل حد الاغتصاب الجنسي.
ويواصل محمد لومة جولته التاريخية السريعة، بالإشارة إلى حملة 12 يوليوز 1963 ضد القيادة الاتحادية، إذ تمت محاصرة الكتابة العامة بمقر الحزب بالدار البيضاء واعتقال 102 عضوا من اللجنة المركزية، كما شملت ما يناهز 5000 مواطن. وما تسرب من معلومات من دار “المقري” وضح بجلاء التعذيب الشديد الذي تعرض له المعتقلون على يد الجهاز الأفقيري المكون آنذاك من مجموعة من الرعاع، جلبهم محمد أفقير من منطقة “عين الشعير” على الحدود المغربية – الجزائرية.
وهذا ما دفع الناجين من حملات الاعتقالات الواسعة إلى التفكير في أعمال هجومية على المؤسسة الملكية، في شخص الملك الحسن الثاني، المسؤول الأول على الأوضاع التي آل إليها المغرب آنذاك.
تلك عموما هي خلفية الإطار العام الذي برزت فيه فكرة إعداد محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة بمراكش في خريف سنة 1963، والتي كانت بمثابة رد فعل دفاعي للتصدي لحملة اعتقالات واختطافات شملت الآلاف واضطرار فرار العديد من القياديين إلى الجزائر ودخول الكثير منهم في السرية.
مجرد عملية انتقام
لذا، يؤكد محمد لومة.. قرر مجموعة من
المناضلين التخطيط لعملية جريئة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المغرب المستقل “استقلالا
أعرجا ومنقوصا”، وتم الاتفاق على تنفيذ العملية في الجمعة الثانية من شهر
نونبر 1963، إذ كان منتظرا أن يؤدي الملك الحسن الثاني صلاة الجمعة الرسمية
بمسجد الكتبية بمدينة مراكش، والتي كانت فرصة سانحة وممتازة للنيل كذلك
من عناصر الزبانية
المحيطة به، لاسيما محمد أفقير ورضا كديرة والباقي.
قبل ذلك بأسبوع، كان الملك الحسن الثاني قد توجه إلى مدينة مراكش، في أواخر أكتوبر 1963، لإعداد القوات المسلحة بثكنة كيليز لمواجهة ما سيتحول إلى قضية “حسي بيضا” (الصراع المسلح مع الجزائر والذي سيقع فعلا في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر 1963).
ويسترسل محمد لومة.. طبعا إن عملية من هذا الحجم تستوجب أسلحة وتخطيط ونواة تنفيذ وكذلك مساعدة آتية من الجزائر بفعل تواجد مجموعة من القادة هناك، اضطرارا وهربا، إما من التصفية الجسدية أو من الاعتقال والمحاكمة.
كان بن سعيد آيت يدر بمثابة الرابط بين مختلف الخيوط المتعلقة بهذه العملية، إذ كان من القادة القلائل غير المعتقلين المتواجدين بالمغرب، علما أنه حضر بالجزائر في عدة معسكرات وأشرف على التدريبات العسكرية في معسكرات بني موسى وكولومب بشار وتوات والقنادسة بمعية شيخ العرب وإبراهيم التزنيتي وآخرين، لكنه عاد مسرعا إلى الوطن لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه لمواجهة الجهاز الأفقيري القمعي. وكان كثير التنقل بين الدار البيضاء ومراكش حيث يوجد أحد رفاقه المخلصين، لحسن زغلول، الكاتب الجهوي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمراكش ونواحيها آنذاك، وكان يدعى أيضا “ولد الكابران الرحماني” وهو مقاوم، وكذلك الأمر بالنسبة لآخرين منهم محمود بن العربي آيت المودن المدعو “القهواجي” ونعيم محمد بلشكر والحاج أحماد بولام، وكلهم كانوا مستعدين للاستمرار في الكفاح، هذا إضافة إلى مجموعة من الضباط أدمجوا في صفوف الجيش الملكي، قادمين من جيش التحرير بالجنوب والمتواجد بعضهم آنذاك بثكنة كيليز بمراكش، ومنهم حمو أمراغ وبن بوبكر إدريس وغيرهما، هؤلاء هم الذين شكلوا النواة المدبرة لمحاولة اغتيال الملك، وكانت هي المرة الأولى التي يفكر فيها بعض أبناء المغرب في النيل من ملكهم، بعد أن حملوه مسؤولية الأوضاع السائدة آنذاك.
وبعد لقاء بن سعيد آيت يدر بخلية الضباط تقرر أن العملية ستنفذ كما هو متفق عليه، وتم إيفاد رسول إلى الجزائر لإبلاغ عبد السلام الجبلي بالأمر والعودة بالتعليمات.
قبل ذلك بأسبوع، كان الملك الحسن الثاني قد توجه إلى مدينة مراكش، في أواخر أكتوبر 1963، لإعداد القوات المسلحة بثكنة كيليز لمواجهة ما سيتحول إلى قضية “حسي بيضا” (الصراع المسلح مع الجزائر والذي سيقع فعلا في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر 1963).
ويسترسل محمد لومة.. طبعا إن عملية من هذا الحجم تستوجب أسلحة وتخطيط ونواة تنفيذ وكذلك مساعدة آتية من الجزائر بفعل تواجد مجموعة من القادة هناك، اضطرارا وهربا، إما من التصفية الجسدية أو من الاعتقال والمحاكمة.
كان بن سعيد آيت يدر بمثابة الرابط بين مختلف الخيوط المتعلقة بهذه العملية، إذ كان من القادة القلائل غير المعتقلين المتواجدين بالمغرب، علما أنه حضر بالجزائر في عدة معسكرات وأشرف على التدريبات العسكرية في معسكرات بني موسى وكولومب بشار وتوات والقنادسة بمعية شيخ العرب وإبراهيم التزنيتي وآخرين، لكنه عاد مسرعا إلى الوطن لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه لمواجهة الجهاز الأفقيري القمعي. وكان كثير التنقل بين الدار البيضاء ومراكش حيث يوجد أحد رفاقه المخلصين، لحسن زغلول، الكاتب الجهوي للاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمراكش ونواحيها آنذاك، وكان يدعى أيضا “ولد الكابران الرحماني” وهو مقاوم، وكذلك الأمر بالنسبة لآخرين منهم محمود بن العربي آيت المودن المدعو “القهواجي” ونعيم محمد بلشكر والحاج أحماد بولام، وكلهم كانوا مستعدين للاستمرار في الكفاح، هذا إضافة إلى مجموعة من الضباط أدمجوا في صفوف الجيش الملكي، قادمين من جيش التحرير بالجنوب والمتواجد بعضهم آنذاك بثكنة كيليز بمراكش، ومنهم حمو أمراغ وبن بوبكر إدريس وغيرهما، هؤلاء هم الذين شكلوا النواة المدبرة لمحاولة اغتيال الملك، وكانت هي المرة الأولى التي يفكر فيها بعض أبناء المغرب في النيل من ملكهم، بعد أن حملوه مسؤولية الأوضاع السائدة آنذاك.
وبعد لقاء بن سعيد آيت يدر بخلية الضباط تقرر أن العملية ستنفذ كما هو متفق عليه، وتم إيفاد رسول إلى الجزائر لإبلاغ عبد السلام الجبلي بالأمر والعودة بالتعليمات.
الأسلحة المتوفرة
بخصوص الأسلحة، يقول محمد لومة، إنه تم
اللجوء إلى الأسلحة التي كانت بحوزة الشهيد أزناك، وهو أحد عناصر مجموعة الفاخري، وأحد
أبطال قنبلة “المارشي
سانطرال” إلى جانب موسى البرايمي، وقد صاح وقت إعدامه رميا بالرصاص: “هذا ما يجازينا به النظام الاقطاعي”.
وكانت بحوزته بندقية رشاشة من نوع “ماط 49″ مع مخزن ذخيرة ومسدسين وقنبلتين إضافة إلى كمية من الرصاص، وبندقية رشاشة ثانية بخزان رصاصها، سلمها أحد الضباط المتواجدين بثكنة “كيليز” إلى بن سعيد آيت يدر.
وهذا القدر من السلاح كاف لستة أشخاص، ولو استعمل في فضاء مغلق، مثل مسجد الكتبية، لخرجت خلال دقيقة واحدة من فواهات الأسلحة المتوفرة حوالي 100 طلقة، فضلا عن شظايا القنبلتين في حالة انفجارهما، وبالتالي إمكانية إحداث مذبحة أكثر هولا مما كانت ستحدثه القنبلة التي قذفت على محمد بن عرفة بمسجد بريمة بمراكش، علما أن أحد المقاومين الذين نفذوا هذه العملية، وهو آيت المودن (المدعو القهواجي)، كان ضمن الخلية القيادية التي ساهمت في الإقرار بعملية اغتيال الملك الحسن الثاني وأفقير ورضا كديرة بمراكش، وكان قد خبأ قنبلته تحت حصير المسجد بعد أن قذف الشهيد اوقلا قنبلته في اتجاه بن عرفة وهرب لكن أفرادا من الحرس أمسكوا به وسقط شهيدا بباحة المسجد.
وكانت بحوزته بندقية رشاشة من نوع “ماط 49″ مع مخزن ذخيرة ومسدسين وقنبلتين إضافة إلى كمية من الرصاص، وبندقية رشاشة ثانية بخزان رصاصها، سلمها أحد الضباط المتواجدين بثكنة “كيليز” إلى بن سعيد آيت يدر.
وهذا القدر من السلاح كاف لستة أشخاص، ولو استعمل في فضاء مغلق، مثل مسجد الكتبية، لخرجت خلال دقيقة واحدة من فواهات الأسلحة المتوفرة حوالي 100 طلقة، فضلا عن شظايا القنبلتين في حالة انفجارهما، وبالتالي إمكانية إحداث مذبحة أكثر هولا مما كانت ستحدثه القنبلة التي قذفت على محمد بن عرفة بمسجد بريمة بمراكش، علما أن أحد المقاومين الذين نفذوا هذه العملية، وهو آيت المودن (المدعو القهواجي)، كان ضمن الخلية القيادية التي ساهمت في الإقرار بعملية اغتيال الملك الحسن الثاني وأفقير ورضا كديرة بمراكش، وكان قد خبأ قنبلته تحت حصير المسجد بعد أن قذف الشهيد اوقلا قنبلته في اتجاه بن عرفة وهرب لكن أفرادا من الحرس أمسكوا به وسقط شهيدا بباحة المسجد.
التحضير لعملية الاغتيال
.. وجاءت فترة تدقيق التفاصيل قبل تنفيذ العملية، يقول محمد لومة.. وكُلِّف محمد بلحاج أطلس، المتوفي مؤخرا رحمه
الله، بالتنقل الدائم بين مراكش والدار البيضاء تحت إمرة وإشراف بن سعيد آيت يدر،
لهذه الغاية.
وقبل استمرار حديثه عن محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة، يتوقف محمد مليا للحديث عن المقاوم الراحل محمد بلحاج أطلس، الذي لا يمكن، بأي وجه من الوجوه، نكران ماضيه الكفاحي والنضالي كمقاوم وكوطني ضحى من أجل غد أفضل لأجيال المغرب، وتألق في التضحية والاجتهاد من أجل خدمة القضية التي كان يؤمن بها رغم أنه كان أميّاً، لكنه تكون في مدرسة المقاومة وجيش التحرير بالتمرس على العمل الثوري وممارسته منذ ريعان شبابه، علاوة على أنه قضى أكثر من عقدين خلف القضبان.
ولما أفرج عنه في مطلع الثمانينات التحق بمنظمة العمل الشعبي بجانب رفيق دربه بن سعيد آيت يدر، مؤطره وقائده المباشر منذ أن عاد من الجزائر. فبعد خروجه من السجن المركزي دأب على منحه مبلغا شهريا بانتظام على حساب مالية جريدة “أنوال”، لكنه بعد مدة، سرعان ما تنكر لهذا الجميل والتحق بحزب الطليعة، ثم قفز على حين غرة إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ودون سابق إنذار ارتمى في أحضان حركة التوحيد والإصلاح بواسطة أحد صلاته القديمة امحمد الطالبي الذي تأسلم في وقت مبكر. بعد ذلك حاصره القائمون على “التجديد” من كل حدب وصوب حتى تمكنوا من إقناعه بنشر مسار حياته عبر حلقات، إلا أن الهدف لم يكن هو التوثيق التاريخي النزيه وكشف الحقائق التاريخية وتسليط الأضواء الكاشفة على ما تم تعييبه أو تحويره، وإنما كانت الغاية، في نهاية المطاف، هي الإساءة لرفاق الفقيد “أطلس” ورفاقه بالأمس على درب الكفاح والمقاومة ومهاجمة عبد الرحيم بوعبيد ووصف آيت يدر ورفاقه بالإلحاد والكفر والزندقة، وكان على المرحوم، حرصا على رصيده الكفاحي وتاريخه النضالي أن لا يقع في هذا المطب. وقد تمكن أصحاب “التجديد” من دفع محمد بلحاج أطلس إلى نشر كتاب تحت عنوان، “الرجل الذي صافح الموت/ مذكرات المعتقل السياسي المجاهد محمد بلحاج أطلس”، يحتوي على مرفقات في آخر الكتاب، الذي تكفلوا بتمويله وطبعه، وكان الغرض منه الإساءة المجانية لرفاق الأمس، دون أن يعي الهالك أن ذلك كان بمثابة إساءة مباشرة لمساره الكفاحي وقناعاته التي ظل يدافع عنها حتى آخر حياته.
بعد هذا التعريج، يعود محمد لومة، إلى الاسترسال في حديثه عن موضوع عملية اغتيال الثلاثي: الملك والجنرال والمستشار، إذ يقول إن محمد بلحاج أطلس، كلفه بن سعيد أيت يدر بمهمة التنسيق بين عناصر خلايا الدار البيضاء ومراكش، واعتبارا لهذه الصفة كلفه بمهمة لوجستيكية محضة، هي تتبع ومراقبة المكلف بإحضار السلاح من الدار البيضاء إلى مراكش وتسلمه منه قصد نقله من نقطة إلى أخرى بنفس المدينة.
ويستمر محمد لومة في حديثه موضحا.. قام عبد الرحمان تاسومت باحضار حقيبة السلاح إلى مراكش، حيث أوصلها إلى باب فتوح بعد ظهر 24 أكتوبر 1963، وتعقبه أطلس تنفيذا لتعليمات بن سعيد آيت يدر إلى أن اقترب من مكتب العدول بـ “الموازين” حيث تسلم منه حمله، ثم افترق عنه متوجها نحو “الصباغين” فـ “العطارين” قبل أن يعرج إلى “الطالعة” وصولا إلى “أزبزط”، حيث أودع حقيبة السلاح في مأمن بمنزل هناك، بعد ذلك توجه رأسا إلى دار بوعلام الدحماني، وهو متقاعد من الجيش الفرنسي ومحارب سابق بالهند الصينية، وكان مناضلا اتحاديا من الرعيل الأول، حيث كان هناك بمعية لحسن زغلول المنسق للعملية بمراكش حسب ما خطط لذلك بن سعيد آيت يدر.
طلب أطلس من زغلول مرافقته إلى حومة “أزبزط” لتسليمه حقيبة السلاح، إلا أن هذا الأخير لم يوافق واقترح عليه أخذ دراجته لحمل الحقيبة وإحضارها إلى باب الخميس قرب المدخل الرئيسي لمستشفى الأنطاكي، فيما بين الساعة 7 و8 مساءا، حيث سيكون في انتظاره رفقة باقي إخوان الخلية.
هذه هي المهمة التي تكلف بها محمد بلحاج أطلس، إذ كان دوره، حسب وصف محمد لومة، دورا لوجستيكيا، أي نقل حقيبة السلاح من باب فتوح إلى باب الخميس بمدينة مراكش، لكن ماذا حدث؟
وقبل استمرار حديثه عن محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة، يتوقف محمد مليا للحديث عن المقاوم الراحل محمد بلحاج أطلس، الذي لا يمكن، بأي وجه من الوجوه، نكران ماضيه الكفاحي والنضالي كمقاوم وكوطني ضحى من أجل غد أفضل لأجيال المغرب، وتألق في التضحية والاجتهاد من أجل خدمة القضية التي كان يؤمن بها رغم أنه كان أميّاً، لكنه تكون في مدرسة المقاومة وجيش التحرير بالتمرس على العمل الثوري وممارسته منذ ريعان شبابه، علاوة على أنه قضى أكثر من عقدين خلف القضبان.
ولما أفرج عنه في مطلع الثمانينات التحق بمنظمة العمل الشعبي بجانب رفيق دربه بن سعيد آيت يدر، مؤطره وقائده المباشر منذ أن عاد من الجزائر. فبعد خروجه من السجن المركزي دأب على منحه مبلغا شهريا بانتظام على حساب مالية جريدة “أنوال”، لكنه بعد مدة، سرعان ما تنكر لهذا الجميل والتحق بحزب الطليعة، ثم قفز على حين غرة إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ودون سابق إنذار ارتمى في أحضان حركة التوحيد والإصلاح بواسطة أحد صلاته القديمة امحمد الطالبي الذي تأسلم في وقت مبكر. بعد ذلك حاصره القائمون على “التجديد” من كل حدب وصوب حتى تمكنوا من إقناعه بنشر مسار حياته عبر حلقات، إلا أن الهدف لم يكن هو التوثيق التاريخي النزيه وكشف الحقائق التاريخية وتسليط الأضواء الكاشفة على ما تم تعييبه أو تحويره، وإنما كانت الغاية، في نهاية المطاف، هي الإساءة لرفاق الفقيد “أطلس” ورفاقه بالأمس على درب الكفاح والمقاومة ومهاجمة عبد الرحيم بوعبيد ووصف آيت يدر ورفاقه بالإلحاد والكفر والزندقة، وكان على المرحوم، حرصا على رصيده الكفاحي وتاريخه النضالي أن لا يقع في هذا المطب. وقد تمكن أصحاب “التجديد” من دفع محمد بلحاج أطلس إلى نشر كتاب تحت عنوان، “الرجل الذي صافح الموت/ مذكرات المعتقل السياسي المجاهد محمد بلحاج أطلس”، يحتوي على مرفقات في آخر الكتاب، الذي تكفلوا بتمويله وطبعه، وكان الغرض منه الإساءة المجانية لرفاق الأمس، دون أن يعي الهالك أن ذلك كان بمثابة إساءة مباشرة لمساره الكفاحي وقناعاته التي ظل يدافع عنها حتى آخر حياته.
بعد هذا التعريج، يعود محمد لومة، إلى الاسترسال في حديثه عن موضوع عملية اغتيال الثلاثي: الملك والجنرال والمستشار، إذ يقول إن محمد بلحاج أطلس، كلفه بن سعيد أيت يدر بمهمة التنسيق بين عناصر خلايا الدار البيضاء ومراكش، واعتبارا لهذه الصفة كلفه بمهمة لوجستيكية محضة، هي تتبع ومراقبة المكلف بإحضار السلاح من الدار البيضاء إلى مراكش وتسلمه منه قصد نقله من نقطة إلى أخرى بنفس المدينة.
ويستمر محمد لومة في حديثه موضحا.. قام عبد الرحمان تاسومت باحضار حقيبة السلاح إلى مراكش، حيث أوصلها إلى باب فتوح بعد ظهر 24 أكتوبر 1963، وتعقبه أطلس تنفيذا لتعليمات بن سعيد آيت يدر إلى أن اقترب من مكتب العدول بـ “الموازين” حيث تسلم منه حمله، ثم افترق عنه متوجها نحو “الصباغين” فـ “العطارين” قبل أن يعرج إلى “الطالعة” وصولا إلى “أزبزط”، حيث أودع حقيبة السلاح في مأمن بمنزل هناك، بعد ذلك توجه رأسا إلى دار بوعلام الدحماني، وهو متقاعد من الجيش الفرنسي ومحارب سابق بالهند الصينية، وكان مناضلا اتحاديا من الرعيل الأول، حيث كان هناك بمعية لحسن زغلول المنسق للعملية بمراكش حسب ما خطط لذلك بن سعيد آيت يدر.
طلب أطلس من زغلول مرافقته إلى حومة “أزبزط” لتسليمه حقيبة السلاح، إلا أن هذا الأخير لم يوافق واقترح عليه أخذ دراجته لحمل الحقيبة وإحضارها إلى باب الخميس قرب المدخل الرئيسي لمستشفى الأنطاكي، فيما بين الساعة 7 و8 مساءا، حيث سيكون في انتظاره رفقة باقي إخوان الخلية.
هذه هي المهمة التي تكلف بها محمد بلحاج أطلس، إذ كان دوره، حسب وصف محمد لومة، دورا لوجستيكيا، أي نقل حقيبة السلاح من باب فتوح إلى باب الخميس بمدينة مراكش، لكن ماذا حدث؟
صيد ثمين أبطاله مجرد “مردة” أو هكذا أجهضت
العملية
يقول محمد لومة.. ما حدث هو أن أطلس حمل
حقيبة السلاح على دراجة لحسن زغلول وانطلق من باب فتوح متجها صوب مكان الموعد المحدد.
كانت انطلاقته من حي “بنصالح” وسار في اتجاه حي “السبتيين”، وبينما هو
ينعطف يسارا نحو حومة “الموقف”،
إذا بمخزنيين من القوات المساعدة، بدون سلاح وبدون أصفدة، إذ لم
يكونا يحملان إلا “الزريويطة” السوداء القصيرة التي اشتهر
“مردة” بها، إذ كان المغاربة في بعض المناطق ينادونهم بـ “بوزريويطة”،
إلا أن محمد بلحاج أطلس، خلافا لما صرح به محمد لومة، يقول في كتاباته أن
شرطيين مسلحين هما اللذان أوقفانه، ويضيف محمد لومة، أن بن سعيد آيت يدر
ولحسن زغلول أكدا له أن رواية أطلس بهذا الخصوص لا أساس لها من الصحة.
ويسترسل المتحدث في حديثه.. كان الوقت، موعد آذان المغرب، وكان سبب إيقاف أطلس وهو يقود دراجته حاملا أمامه حقيبة السلاح، شك المخزنيين في كونه من المتاجرين بـ “الكيف”، وبمجرد توقيفه، قال له أحدهما: “لماذا دراجتك لا تتوفر على المصباح الخلفي والوقت ليلا…؟”، انتبه الآخر للحقيبة المحمولة أمامه، ثم فحصها فوجدها ثقيلة جدا، فاقترب أحدهما من أطلس وفتح الثاني الحقيبة فاكتشف محتواها وصاح: “سلاح.. سلاح.. أمسك به جيدا..”، ثم توجه صوب بقال غير بعيد عن مكان الحادث وطلب منه حبلا فناوله جزءا من الحبل الذي كان يستعمل في ربط كيس السكر واستخدمه لتكبيل محمد بلحاج أطلس، ثم ذهب لإحضار سيارة أجرة (طاكسي صغير)، فوضع الدراجة فوقه وحقيبة السلاح بالمقعد الأمامي بجانب السائق، واستقر أطلس المكبل بين المخزنيين في المقعد الخلفي، وانطلقت السيارة. وهذا ما أكده كل من بن سعيد وزغلول لمحمد لومة الذي تساءل: كيف يعقل أن مناضلا مكلفا بنقل الأسلحة لا يتوفر على سلاح تحسبا لأي طارئ، لاسيما أن المهمة خطيرة والظرف غير عادي والجو العام محتقن إلى درجة الانفجار والبحث جار عن الفارين من الاعتقالات على قدم وساق..؟ فلو كان أطلس قد أطلق رصاصة واحدة في السماء لما لقي المصير الذي لقيه، ولربما تمكن من إنقاذ السلاح ونجح في مهمته.. علما أنه قال بهذا الخصوص إنه قاوم حتى نفذت قواه ثم اضطر للاستسلام.
ويسترسل محمد لومة.. اتجه الطاكسي الصغير إلى مركز القوات المساعدة بـ “قشيش”، وهناك تم الاتصال بمصالح الأمن، فحضرت سيارتا أمن لمرافقة الطاكسي، ومر الموكب أمام مستشفى الأنطاكي حيث كان يتواجد لحسن زغلول ورفاقه ينتظرون وصول حقيبة السلاح، آنذاك تعرف زغلول على دراجته فوق سيارة الأجرة المارة أمامه تسبقها سيارة أمن وتتبعها أخرى من الخلف.
سارع زغلول في مغادرة المكان وكلف أحد رفاقه باستقصاء الأمر بمركز الشرطة، فقيل له إن الأمر يتعلق بضبط أحد الأشخاص يحمل “الكيف” بحقيبة على دراجته، فتأكد أن أطلس وقع بيد البوليس. اختفى زغلول إلى أن دبر هروبه نحو الجزائر، وكان يعتبر العنصر الأساسي في عملية اغتيال الملك وأفقير ورضا كديرة ورئيس جهاز تنفيذها تحت إمرة بن سعيد آيت يدر.
ويسترسل المتحدث في حديثه.. كان الوقت، موعد آذان المغرب، وكان سبب إيقاف أطلس وهو يقود دراجته حاملا أمامه حقيبة السلاح، شك المخزنيين في كونه من المتاجرين بـ “الكيف”، وبمجرد توقيفه، قال له أحدهما: “لماذا دراجتك لا تتوفر على المصباح الخلفي والوقت ليلا…؟”، انتبه الآخر للحقيبة المحمولة أمامه، ثم فحصها فوجدها ثقيلة جدا، فاقترب أحدهما من أطلس وفتح الثاني الحقيبة فاكتشف محتواها وصاح: “سلاح.. سلاح.. أمسك به جيدا..”، ثم توجه صوب بقال غير بعيد عن مكان الحادث وطلب منه حبلا فناوله جزءا من الحبل الذي كان يستعمل في ربط كيس السكر واستخدمه لتكبيل محمد بلحاج أطلس، ثم ذهب لإحضار سيارة أجرة (طاكسي صغير)، فوضع الدراجة فوقه وحقيبة السلاح بالمقعد الأمامي بجانب السائق، واستقر أطلس المكبل بين المخزنيين في المقعد الخلفي، وانطلقت السيارة. وهذا ما أكده كل من بن سعيد وزغلول لمحمد لومة الذي تساءل: كيف يعقل أن مناضلا مكلفا بنقل الأسلحة لا يتوفر على سلاح تحسبا لأي طارئ، لاسيما أن المهمة خطيرة والظرف غير عادي والجو العام محتقن إلى درجة الانفجار والبحث جار عن الفارين من الاعتقالات على قدم وساق..؟ فلو كان أطلس قد أطلق رصاصة واحدة في السماء لما لقي المصير الذي لقيه، ولربما تمكن من إنقاذ السلاح ونجح في مهمته.. علما أنه قال بهذا الخصوص إنه قاوم حتى نفذت قواه ثم اضطر للاستسلام.
ويسترسل محمد لومة.. اتجه الطاكسي الصغير إلى مركز القوات المساعدة بـ “قشيش”، وهناك تم الاتصال بمصالح الأمن، فحضرت سيارتا أمن لمرافقة الطاكسي، ومر الموكب أمام مستشفى الأنطاكي حيث كان يتواجد لحسن زغلول ورفاقه ينتظرون وصول حقيبة السلاح، آنذاك تعرف زغلول على دراجته فوق سيارة الأجرة المارة أمامه تسبقها سيارة أمن وتتبعها أخرى من الخلف.
سارع زغلول في مغادرة المكان وكلف أحد رفاقه باستقصاء الأمر بمركز الشرطة، فقيل له إن الأمر يتعلق بضبط أحد الأشخاص يحمل “الكيف” بحقيبة على دراجته، فتأكد أن أطلس وقع بيد البوليس. اختفى زغلول إلى أن دبر هروبه نحو الجزائر، وكان يعتبر العنصر الأساسي في عملية اغتيال الملك وأفقير ورضا كديرة ورئيس جهاز تنفيذها تحت إمرة بن سعيد آيت يدر.
هكذا كانت النهاية…
بعد تعرضه لاستنطاق خلال الليلة الأولى من
الاعتقال، وكان ذلك يوم الجمعة 25 أكتوبر 1963 بمخفر الشرطة بجامع الفنا، أكره
أطلس على البصم على المحضر قبل حمله في سيارة توجهت إلى دار “المقري” حيث
وجد في استقباله بدر الدين بنونة، أحد كبار الضباط في جهاز “الكاب 1″، وبوشرت
معه عملية الاستنطاق
تحت التعذيب، وكانت الحصيلة الاعتراف بـ 13 شخصا من مراكش والرحامنة وقلعة السراغنة وآيت ورير…
هكذا أجهضت العملية، يقول محمد لومة، بشكل فج نظرا لغياب التعامل الثوري المحترف ولوجود حلقات ضعيفة في مسلسل الإعداد للعملية، علما أن عملية اغتيال الملك وأفقير وكديرة، تعتبر أول عملية، في سجل الحركة الاتحادية، استهدفت رئيس الدولة، تلتها عملية مهاجمة الطائرة الملكية في 16 غشت 1972 التي تأكد ضلوع الاتحاديين فيها. وإذا كان عناصر القوات الجوية قد أدوا الثمن توا وبشكل واضح ومباشر (إعدامات وجحيم تازمامارت)، فإن الطرف الآخر، المدني، أدى ثمن تواطئه حسب خطة وعلى مراحل، عبر الطرود الملغومة الموجهة إلى كل من اليازغي وعمر بنجلون صباح تنفيذ الإعدام في أمقران والكويرة ومن معهما، وكذلك الضربات الموجهة إلى عبد الرحيم بوعبيد على مراحل، اسقاطه في أكادير ثم اعتقاله فيما بعد، وسلسلة من المضايقات التي طالت علال الفاسي اعتبارا لعمله، ثم جاء دور الفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي.
ويقر محمد لومة، أن محاولة اغتيال الثلاثي، الملك والجنرال والمستشار، دفعة واحدة، سنة 1963، كانت نوعا من الهجوم في وضعية دفاع، اعتبارا لموجة التنكيل والتصفية والاعتقالات التي طالت مناضلي الحركة الاتحادية، علما أن الحمولة الفكرية للأشخاص الذين دبروا لهذه المحاولة الانتقامية لم تمكنهم من التخطيط الجيد والمتأني، ومن تحديد الأهداف المراد تحقيقها والغاية منها ولما بعد حدوثها. وإنما الذي كان حاصلا آنذاك هو مجرد رد فعل للتخفيف من الوطأة على المناضلين. هكذا كان ينظر المخططون للعملية، إلى الأمور دون التساؤل حول كيفية توظيف العملية والإعداد لما بعدها، لأن الأمر انحصر في القيام بعمل من نوع انتقامي في ظل غياب رؤية واضحة أو استراتيجية محددة المعالم، الشيء الوحيد الذي كان بارزا هو أن تلك المحاولة الجريئة من شأنها المساهمة في فك الطوق على الجزائر في الوقت الذي كان النظام المغربي يحضر فيه للحرب معها، آنذاك لم تكن الجزائر تملك طائرات ولا مدرعات ولا مدفعية، في حين كانت طائرات “ميك 17″ ودبابات “إيم إيكس” ومدفعيات الميدان في حوزة الجيش المغربي، وكان الجيش الجزائري آنذاك مكونا فقط من المشاة.
وقتئذ كان عبد السلام الجبلي بمعية مجموعة من المناضلين بالجزائر، والذين حاولوا محاصرة النظام المغربي حتى لا يقوم بالهجوم على الجزائر التي كان التعامل معها، بفعل المقاومة المشتركة، لا يمكن أن يتخذ طابع التعاون مع نظام أجنبي أو التواطؤ مع جهة خارجية عدوة، بل كان التعامل مع رفاق في الكفاح.
ويضيف محمد لومة، كان بن سعيد آيت يدر هو الممسك بخيوط الإشراف على إعداد عملية اغتيال الملك وأفقير وكديرة بمراكش سنة 1963، وكان أعلى أفراد المجموعة ثقافة وتكوينا ودراسة، إذ كان حائزا على العالمية في سنة 1954، وما تبقى من المناضلين، كان مستواهم الدراسي ضعيفا جدا.
كما كان هناك اتصال شبه مستمر مع عبد السلام الجبلي الذي كان يبلغ تعليماته لمجموعات الدار البيضاء ومراكش ومجموعة الضباط عن طريق آيت يدر، وكانت مباركة الجزائريين لتلك العملية قائمة، سعيا وراء فك الطوق عليها.
هكذا أجهضت العملية، يقول محمد لومة، بشكل فج نظرا لغياب التعامل الثوري المحترف ولوجود حلقات ضعيفة في مسلسل الإعداد للعملية، علما أن عملية اغتيال الملك وأفقير وكديرة، تعتبر أول عملية، في سجل الحركة الاتحادية، استهدفت رئيس الدولة، تلتها عملية مهاجمة الطائرة الملكية في 16 غشت 1972 التي تأكد ضلوع الاتحاديين فيها. وإذا كان عناصر القوات الجوية قد أدوا الثمن توا وبشكل واضح ومباشر (إعدامات وجحيم تازمامارت)، فإن الطرف الآخر، المدني، أدى ثمن تواطئه حسب خطة وعلى مراحل، عبر الطرود الملغومة الموجهة إلى كل من اليازغي وعمر بنجلون صباح تنفيذ الإعدام في أمقران والكويرة ومن معهما، وكذلك الضربات الموجهة إلى عبد الرحيم بوعبيد على مراحل، اسقاطه في أكادير ثم اعتقاله فيما بعد، وسلسلة من المضايقات التي طالت علال الفاسي اعتبارا لعمله، ثم جاء دور الفقيه البصري وعبد الرحمان اليوسفي.
ويقر محمد لومة، أن محاولة اغتيال الثلاثي، الملك والجنرال والمستشار، دفعة واحدة، سنة 1963، كانت نوعا من الهجوم في وضعية دفاع، اعتبارا لموجة التنكيل والتصفية والاعتقالات التي طالت مناضلي الحركة الاتحادية، علما أن الحمولة الفكرية للأشخاص الذين دبروا لهذه المحاولة الانتقامية لم تمكنهم من التخطيط الجيد والمتأني، ومن تحديد الأهداف المراد تحقيقها والغاية منها ولما بعد حدوثها. وإنما الذي كان حاصلا آنذاك هو مجرد رد فعل للتخفيف من الوطأة على المناضلين. هكذا كان ينظر المخططون للعملية، إلى الأمور دون التساؤل حول كيفية توظيف العملية والإعداد لما بعدها، لأن الأمر انحصر في القيام بعمل من نوع انتقامي في ظل غياب رؤية واضحة أو استراتيجية محددة المعالم، الشيء الوحيد الذي كان بارزا هو أن تلك المحاولة الجريئة من شأنها المساهمة في فك الطوق على الجزائر في الوقت الذي كان النظام المغربي يحضر فيه للحرب معها، آنذاك لم تكن الجزائر تملك طائرات ولا مدرعات ولا مدفعية، في حين كانت طائرات “ميك 17″ ودبابات “إيم إيكس” ومدفعيات الميدان في حوزة الجيش المغربي، وكان الجيش الجزائري آنذاك مكونا فقط من المشاة.
وقتئذ كان عبد السلام الجبلي بمعية مجموعة من المناضلين بالجزائر، والذين حاولوا محاصرة النظام المغربي حتى لا يقوم بالهجوم على الجزائر التي كان التعامل معها، بفعل المقاومة المشتركة، لا يمكن أن يتخذ طابع التعاون مع نظام أجنبي أو التواطؤ مع جهة خارجية عدوة، بل كان التعامل مع رفاق في الكفاح.
ويضيف محمد لومة، كان بن سعيد آيت يدر هو الممسك بخيوط الإشراف على إعداد عملية اغتيال الملك وأفقير وكديرة بمراكش سنة 1963، وكان أعلى أفراد المجموعة ثقافة وتكوينا ودراسة، إذ كان حائزا على العالمية في سنة 1954، وما تبقى من المناضلين، كان مستواهم الدراسي ضعيفا جدا.
كما كان هناك اتصال شبه مستمر مع عبد السلام الجبلي الذي كان يبلغ تعليماته لمجموعات الدار البيضاء ومراكش ومجموعة الضباط عن طريق آيت يدر، وكانت مباركة الجزائريين لتلك العملية قائمة، سعيا وراء فك الطوق عليها.
على سبيل الختم
يختم محمد لومة حديثه بالقول، كان النظام
المغربي آنذاك يتعامل مع المعارضة بضغط من إملاءات رضا كديرة، الذي كان يرعى
مصالح اللفيف الأجنبي والمصالح الفرنسية، وكان قد تسلم وكالة “هافاس”، وهي أول
وكالة إشهارية بالمغرب باعتباره قائما على مصالح فرنسا بالمغرب، والتي
كانت آنذاك مازالت تتوفر على قوة عسكرية قوامها 64 ألف جندي فرنسي، في حين
أن الجيش الرسمي لم يكن يتعدى 15 ألف جندي وثلاث أرباع ضباط الأمن الوطني
من الفرنسيين، الشيء الذي سهل محاصرة الحركة الوطنية مما دفعها إلى
السعي لاستكمال التعهدات مع الجزائريين. ضمن هذا الإطار العام (وعلاوة
على ما ذكر أعلاه) تم
التفكير في إعداد عملية اغتيال الملك الحسن الثاني والجنرال أفقير
والمستشار رضا كديرة بمراكش سنة
1963.
هذه هي رواية محمد لومة، فكيف يروي محمد بلحاج أطلس، “الرجل الذي صافح الموت”، هذه النازلة وتداعياتها؟
محمد بلحاج أطلس/ مقاوم
رواية من قلب الحدث
رواية من قلب الحدث
محمد بلحاج أطلس، ناضل في صفوف التيار الثوري
الوطني إلى أن اعتقل في غضون شهر أكتوبر 1963 وحوكم بالإعدام، وبعد مدة خفضت
العقوبة القصوى إلى السجن المحدد، ولم يخرج من السجن إلا في سنة 1963 بعد
قضاء أكثر من 20 سنة خلف القضبان، لذلك لقب بعميد المعتقلين السياسيين
بالمغرب المستقل.
كان أطلس إنسانا بسيطا في حياته، وكونه لم يلج المدرسة قط لم يقلل من شأنه لأنه تعلم القراءة والكتابة بعد أن تخرج من مدرسة الكفاح والنضال العصامية.
من المساهمون رفقة بن سعيد آيت يدر في الإعداد لمحاوة اغتيال الثلاثي: الملك والجنرال والمستشار وكيف جاءت رواية محمد بلحاج أطلس؟
كان أطلس إنسانا بسيطا في حياته، وكونه لم يلج المدرسة قط لم يقلل من شأنه لأنه تعلم القراءة والكتابة بعد أن تخرج من مدرسة الكفاح والنضال العصامية.
من المساهمون رفقة بن سعيد آيت يدر في الإعداد لمحاوة اغتيال الثلاثي: الملك والجنرال والمستشار وكيف جاءت رواية محمد بلحاج أطلس؟
قبل وفاته كشف محمد بلحاج أطلس عن روايته
بخصوص التحضير لاغتيال الملك الحسن الثاني والجنرال أفقير والمستشار أحمد رضا كديرة،
وتداعياتها، في كتاب “الرجل الذي صافح الموت” وفي مجموعة من تصريحاته
لرفاق الأمس وبعض تدخلاته المتفرقة.
الظروف العامة
بعد المؤتمر الوطني الأول للاتحاد الوطني
للقوات الشعبية، المنعقد بسينما الكواكب بالدار البيضاء، تكونت حكومة عبد الله إبراهيم،
التي خلفت حكومة
أحمد بلافريج، وهي الحكومة التي لفظتها القوى الحية في المجتمع، حدث
هذا في ظرف بدأ يشتد فيه الصراع
بين الملك والقوى التواقة إلى التغيير آنذاك، ومما يظهر حدة هذا الصراع، النعوت
التي كانت تلصق بالحكومات وقتئذ، إذ قيل حكومة “بقر علال” (حكومة بلا فريج) وحكومة “حمير
بنبركة” (حكومة عبد الله إبراهيم).
ومنذ فجر الستينات تناسلت الاعتقالات، إذ ألقي القبض على الفقيه البصري، مدير جريدة “التحرير” ورئيس تحريرها آنذاك، عبد الرحمان اليوسفي تحت ذريعة مقال نشرته الجريدة، علما أن الاعتقالات همت كذلك 48 عضوا من قادة المقاومة وجيش التحرير بالرباط والدار البيضاء، لا علاقة لهم على الإطلاق بالعمل الصحفي.
وفي أكتوبر 1963، كان الإعداد لتجميع القوات المسلحة الملكية في مراكش قصد الانطلاق عبر ورزازات إلى مواقعها الاستراتيجية المختارة للمواجهة مع الجيش الجزائري.
هذه هي الخلفية والإطار العام الذي أطر لإعداد عمليات اغتيال الملك.
علاوة على ذلك عاين محمد بلحاج أطلس بأم عينيه تطويق مقر الحزب الكائن بزنقة “الساعة الحمراء” بالدار البيضاء ، فعاد توا لمقابلة بن سعيد آيت يدر وأخبره بالأمر. آنذاك، ليلة 16 يوليوز 1963، كان البوليس قد اعتقل أعضاء الكتابة العامة للحزب.
الإعداد للعملية الجريئة
ومنذ فجر الستينات تناسلت الاعتقالات، إذ ألقي القبض على الفقيه البصري، مدير جريدة “التحرير” ورئيس تحريرها آنذاك، عبد الرحمان اليوسفي تحت ذريعة مقال نشرته الجريدة، علما أن الاعتقالات همت كذلك 48 عضوا من قادة المقاومة وجيش التحرير بالرباط والدار البيضاء، لا علاقة لهم على الإطلاق بالعمل الصحفي.
وفي أكتوبر 1963، كان الإعداد لتجميع القوات المسلحة الملكية في مراكش قصد الانطلاق عبر ورزازات إلى مواقعها الاستراتيجية المختارة للمواجهة مع الجيش الجزائري.
هذه هي الخلفية والإطار العام الذي أطر لإعداد عمليات اغتيال الملك.
علاوة على ذلك عاين محمد بلحاج أطلس بأم عينيه تطويق مقر الحزب الكائن بزنقة “الساعة الحمراء” بالدار البيضاء ، فعاد توا لمقابلة بن سعيد آيت يدر وأخبره بالأمر. آنذاك، ليلة 16 يوليوز 1963، كان البوليس قد اعتقل أعضاء الكتابة العامة للحزب.
الإعداد للعملية الجريئة
خلافا لدور أطلس في العملية كما صوره محمد
لومة، يذهب “الرجل الذي صافح الموت” إلى القول بأن كل ما تعلق بخلايا المناضلين بمراكش والدار البيضاء
كان متروكا له ويضطلع به من
جانب الإعداد التنظيمي والتوجيهي.
أما كل ما ارتبط باختيار العمليات فكان يدخل في نطاق مسؤولية بن سعيد آيت يدر، والإشراف على تنفيذها كان على عاتق أطلس، وهذا ما أقرت به القيادة بالجزائر. ومما أكده محمد بلحاج أطلس كذلك، أنه سافر رفقة بن سعيد من الدار البيضاء إلى مراكش، وبعد وصولهما عقدا اجتماعا خاصا بينهما رأسا لرأس، إذ أخبره آيت يدر أنهما حضرا من أجل الإشراف على إعداد وتنفيذ عملية غاية في الأهمية، ثم أَسَرَّ له أن قيادة الحزب بالجزائر أصدرت أوامرها للقيام ببعض العمليات الفدائية من الحجم الكبير والتي من شأنها إحداث الصدى المروع للحيلولة دون قيام حرب بين المغرب والجزائر.
وركز أطلس في روايته على ما قال له آيت يدر عندما كشف له فحوى أوامر القيادة، إذ صرح على لسان بن سعيد: “لقد أعطوني كل الصلاحيات في استعمال مختلف الإمكانيات البشرية والمادية وغيرها، كلما كنا في حاجلة إليها.. غير أنهم أمروني كذلك بألا نشارك نحن الاثنين [أطلس وآيت يدر] في تلك العمليات بأيدينا البتة”.
وبخصوص الإعداد للعملية يقول محمد بلحاج أطلس، إن بن سعيد آيت يدر الشتوكي ترأس اجتماعا في صيف 1963 بدار لحسن زغلول (المدعو ابن الكابران الرحماني)، وحضره، إضافة لهذا الأخير، نعيم محمد بن لشكر، وغاب محمد بن العربي آيت المؤدن الذي كان رهن الاعتقال منذ 17 يوليوز 1963، كما غاب كذلك عبد الرحمان بوحافة السرغيني لأن آيت المودن سبق له أن اعترض على حضوره في اجتماع قيادي، ويبدو أن هذه النواة، التي ضمت هؤلاء إضافة لبن سعيد آيت يدر ومحمد بلحاج أطلس شكلت المجموعة الموكول لها تنفيذ عملية اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة.
تبدأ قصة أطلس مع الإعداد لهذه العملية في أوائل نونبر 1960، إذ اتصل به آيت المودن الحاج محمد (القهواجي) ليخبره أن عبد السلام الجبلي قد أبلغه بحاجة القيادة بالدار البيضاء إليه، لذلك غادر مراكش وأتى إليها. وقتئذ يقول أطلس، كان مكلفا بعدة مهام، منها تتبع تحركات ضباط الجيش الفرنسي والتنسيق بين مجموعات مراكش والدار البيضاء باعتباره غير معروف من طرفة الأجهزة الأمنية، ويؤكد أنه ظل ملازما لعبد السلام الجبلي إلى أن قررت القيادة تهجيره إلى الجزائر عبر إسبانيا بعد أن ربطه بعلاقة تنظيمية مع بن سعيد آيت يدر قبل مغادرته البلاد.
ويسترسل محمد بلحاج أطلس. قبل التخطيط للترتيبات الأخيرة لعملية اغتيال الملك الحسن الثاني بمراكش، تم تنقيل أعضاء الكتابة للحزب، ليلة 17 يوليوز 1963 إلى السجن المركزي بالقنيطرة للشروع في التحقيق التفصيلي معهم، علما أن (الجنرال) محمد أفقير (الكولونيل لحظتئذ) كان قد تفاوض مع مومن الديوري ليحضر إلى المحكمة كشاهد إثبات للإقرار بحدوث التخطيط لمؤامرة ضد الملك والنظام الملكي، لذا تم تنقيله للإقامة بفيلا خاصة للعناية به واسترجاع عافيته ليستعد للمحاكمة ويكون على أحسن حال.
وكانت أول مهمة شغلت بال بن سعيد آيت يدر آنذاك، هي محاولة اقناع مومن الديوري بالتراجع عن اعترافاته للبوليس تحت التعذيب والتهديد بالتصفية الجسدية، وعدم الامتثال لما اتفق عليه مع محمد أفقير، إذ قيل آنذاك إن مومن، عندما كان رهن الاعتقال عاين حضوريا وعن قرب تصفية أحد المناضلين على يد أفقير، إذ طعنه في موضع ببطنه اختاره بدقة، وكان الضحية معلقا، فتدلت أمعاؤه على الأرض على مقربة من الديوري بدار المقري التي كان يحرسها آنذاك ويعمل بها أفراد من الجيش، منهم مجموعة جلبها محمد أفقير، بمعرفته، من قبائل “آيت خباش” بناحية بودنيب بمنطقة القبيلة التي ينتمي إليها الجنرال الدموي، وفعلا تنكر مومن الديوري للاتفاق الذي عقده مع أفقير، إذ غير أقواله رأسا على عقب في قاعة المحكمة مما دفع القائمين على الأمور على إرجاء الجلسة توا.
وكانت بداية قصة أطلس مع الإعداد لعملية اغتيال الملك بمراكش في مارس 1960، سنة أول انتخابات تشريعية عرفها المغرب المستقل، إذ اتصل به بن سعيد آيت يدر في مقر عمله بإحدى محطات توزيع الوقود بالدار البيضاء، وكان بمعية الكولونيل إدريس بن بوبكر.
آنذاك تقرر أن يعيش أطلس وآيت يدر معا بالعاصمة الاقتصادية، وهذا ما كان، حيث قطنا معا بنفس المنزل بحي “بين المدن” منذ أبريل 1963، آنذاك يقول أطلس “تكلفت، تحت إمرة آيت يدر، بمهمة البحث عن مقاوم بارز من “مسيوة” اسمه عبد الكبير نايت واحي، كان على علاقة بمجموعة بن حمو الفاخري، حيث أفلت من الاعتقال، وكانت بحوزته كمية من الأسلحة كان مسؤولا عنها عبد الله الزناكي قبل وفاته.
أما كل ما ارتبط باختيار العمليات فكان يدخل في نطاق مسؤولية بن سعيد آيت يدر، والإشراف على تنفيذها كان على عاتق أطلس، وهذا ما أقرت به القيادة بالجزائر. ومما أكده محمد بلحاج أطلس كذلك، أنه سافر رفقة بن سعيد من الدار البيضاء إلى مراكش، وبعد وصولهما عقدا اجتماعا خاصا بينهما رأسا لرأس، إذ أخبره آيت يدر أنهما حضرا من أجل الإشراف على إعداد وتنفيذ عملية غاية في الأهمية، ثم أَسَرَّ له أن قيادة الحزب بالجزائر أصدرت أوامرها للقيام ببعض العمليات الفدائية من الحجم الكبير والتي من شأنها إحداث الصدى المروع للحيلولة دون قيام حرب بين المغرب والجزائر.
وركز أطلس في روايته على ما قال له آيت يدر عندما كشف له فحوى أوامر القيادة، إذ صرح على لسان بن سعيد: “لقد أعطوني كل الصلاحيات في استعمال مختلف الإمكانيات البشرية والمادية وغيرها، كلما كنا في حاجلة إليها.. غير أنهم أمروني كذلك بألا نشارك نحن الاثنين [أطلس وآيت يدر] في تلك العمليات بأيدينا البتة”.
وبخصوص الإعداد للعملية يقول محمد بلحاج أطلس، إن بن سعيد آيت يدر الشتوكي ترأس اجتماعا في صيف 1963 بدار لحسن زغلول (المدعو ابن الكابران الرحماني)، وحضره، إضافة لهذا الأخير، نعيم محمد بن لشكر، وغاب محمد بن العربي آيت المؤدن الذي كان رهن الاعتقال منذ 17 يوليوز 1963، كما غاب كذلك عبد الرحمان بوحافة السرغيني لأن آيت المودن سبق له أن اعترض على حضوره في اجتماع قيادي، ويبدو أن هذه النواة، التي ضمت هؤلاء إضافة لبن سعيد آيت يدر ومحمد بلحاج أطلس شكلت المجموعة الموكول لها تنفيذ عملية اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة.
تبدأ قصة أطلس مع الإعداد لهذه العملية في أوائل نونبر 1960، إذ اتصل به آيت المودن الحاج محمد (القهواجي) ليخبره أن عبد السلام الجبلي قد أبلغه بحاجة القيادة بالدار البيضاء إليه، لذلك غادر مراكش وأتى إليها. وقتئذ يقول أطلس، كان مكلفا بعدة مهام، منها تتبع تحركات ضباط الجيش الفرنسي والتنسيق بين مجموعات مراكش والدار البيضاء باعتباره غير معروف من طرفة الأجهزة الأمنية، ويؤكد أنه ظل ملازما لعبد السلام الجبلي إلى أن قررت القيادة تهجيره إلى الجزائر عبر إسبانيا بعد أن ربطه بعلاقة تنظيمية مع بن سعيد آيت يدر قبل مغادرته البلاد.
ويسترسل محمد بلحاج أطلس. قبل التخطيط للترتيبات الأخيرة لعملية اغتيال الملك الحسن الثاني بمراكش، تم تنقيل أعضاء الكتابة للحزب، ليلة 17 يوليوز 1963 إلى السجن المركزي بالقنيطرة للشروع في التحقيق التفصيلي معهم، علما أن (الجنرال) محمد أفقير (الكولونيل لحظتئذ) كان قد تفاوض مع مومن الديوري ليحضر إلى المحكمة كشاهد إثبات للإقرار بحدوث التخطيط لمؤامرة ضد الملك والنظام الملكي، لذا تم تنقيله للإقامة بفيلا خاصة للعناية به واسترجاع عافيته ليستعد للمحاكمة ويكون على أحسن حال.
وكانت أول مهمة شغلت بال بن سعيد آيت يدر آنذاك، هي محاولة اقناع مومن الديوري بالتراجع عن اعترافاته للبوليس تحت التعذيب والتهديد بالتصفية الجسدية، وعدم الامتثال لما اتفق عليه مع محمد أفقير، إذ قيل آنذاك إن مومن، عندما كان رهن الاعتقال عاين حضوريا وعن قرب تصفية أحد المناضلين على يد أفقير، إذ طعنه في موضع ببطنه اختاره بدقة، وكان الضحية معلقا، فتدلت أمعاؤه على الأرض على مقربة من الديوري بدار المقري التي كان يحرسها آنذاك ويعمل بها أفراد من الجيش، منهم مجموعة جلبها محمد أفقير، بمعرفته، من قبائل “آيت خباش” بناحية بودنيب بمنطقة القبيلة التي ينتمي إليها الجنرال الدموي، وفعلا تنكر مومن الديوري للاتفاق الذي عقده مع أفقير، إذ غير أقواله رأسا على عقب في قاعة المحكمة مما دفع القائمين على الأمور على إرجاء الجلسة توا.
وكانت بداية قصة أطلس مع الإعداد لعملية اغتيال الملك بمراكش في مارس 1960، سنة أول انتخابات تشريعية عرفها المغرب المستقل، إذ اتصل به بن سعيد آيت يدر في مقر عمله بإحدى محطات توزيع الوقود بالدار البيضاء، وكان بمعية الكولونيل إدريس بن بوبكر.
آنذاك تقرر أن يعيش أطلس وآيت يدر معا بالعاصمة الاقتصادية، وهذا ما كان، حيث قطنا معا بنفس المنزل بحي “بين المدن” منذ أبريل 1963، آنذاك يقول أطلس “تكلفت، تحت إمرة آيت يدر، بمهمة البحث عن مقاوم بارز من “مسيوة” اسمه عبد الكبير نايت واحي، كان على علاقة بمجموعة بن حمو الفاخري، حيث أفلت من الاعتقال، وكانت بحوزته كمية من الأسلحة كان مسؤولا عنها عبد الله الزناكي قبل وفاته.
توفير السلاح اللازم للعملية
في اجتماع بمراكش أخذ بن سعيد آيت يدر على
عاقته تدبير إشكالية توفير السلاح الضروري لإنجاز العملية، وحسب رواية أطلس، أخبر
بن سعيد أعضاء الخلية القيادية لمراكش أن محمد بلحاج أطلس هو الذي
سيوفر لهم قطعا من السلاح.
ففي الوقت الذي يقر فيه محمد لومة أن الدور الذي اضطلع به محمد بلحاج أطلس خلال العملية اقتصر، إلى حدود إجهاضها، على دور لوجيستيكي محدود، وهو نقل حقيبة السلاح من حي إلى آخر بمدينة مراكش.
ها هو محمد بلحاج أطلس يروي أنه في يوم الأربعاء 23 أكتوبر 1963 عرض على بن سعيد آيت يدر الكيفية التي سيضطلع بواسطتها توصيل السلاح إلى الخلية القيادية بمراكش، وهي كالتالي: قيام أطلس بمطالبة لحسن زغلول عن طريق الهاتف باستعمال شفرة كلامية (”غوص”) لتحديد الموعد من أجل تسليمه السلاح. وذلك بعد أن يكون قد اتفق مع عبد الرحمان تاسومت قصد نقل السلاح من الدار البيضاء إلى مراكش على متن القطار المنطلق من العاصمة الاقتصادية على الساعة الثالثة زوالا، على أساس أنه سيتسلمه منه صباح يوم غد بحي “المواسين” ثم سيسلمه إلى لحسن زغلول بمنزل بوعلام، وبعد القيام بهذه العملية تكون العودة إلى الدار البيضاء في ذات الليلة (يوم الجمعة 25 أكتوبر 1963).
وحسب محمد بلحاج أطلس، فقد أشاد بن سعيد آيت يدر بهذه الخطة، لكنه استحسن المزيد من التفكير بخصوصها.
ويضيف أطلس.. “في مساء يوم الأربعاء 23 أكتوبر 1963 أخبره آيت يدر أنه أحضر السلاح، وكان عبارة عن بندقية رشاشة جديدة بخزانين أو ثلاثة للرصاص (شارجور)، كان قد تسلمها من أحد الضباط، وكان عليهما إخفاء معالم مصدرها بإتلاف أرقامها باستخدام مبرد، كما تمكن من توفير بندقية رشاشة أخرى وخزان ومسدسين وقنبلتين مع كمية من الرصاص، وهي الأسلحة التي كانت بحوزة عبد الله الزناكي المتوفى آنذاك وتركه عبد الكبير ماهر الذي لم يطله الاعتقال بفضل صمود الزناكي البطولي، إذ لم يعترف بالخلية التي كان يشرف عليها بحي “سباتة”، وهكذا فلتت تلك الأسلحة من الحجز. وبقيت كيفية نقلها من الدار البيضاء إلى مراكش.
وكانت الخطة المعتمدة، أن يسلم أطلس حقيبة السلاح بالقرب من سينما الملكية بدرب “السبليون” لعبد الرحمان بن محمد تاسومت، ثم يسبقه إلى مراكش وينتظره بباب فتوح حتى يصل إلى ساحة “المواسين”، حيث يستلم الحقيبة ويواصل طريقه لتسليمها بدوره للحسن زغلول، ثم يعود إلى الدار البيضاء في نفس اليوم لكن كيف تمت العملية داخل الميدان؟
يروي “أطلس”، أنه حضر قبل الموعد بالمكان المتفق عليه بمراكش، وحوالي الساعة السابعة والربع مساءا، رأى تاسومت يخطو خطوات رصينة حاملا حقيبة السلاح على كتفه، تبعه وسار إلى حد الالتصاق به جنبا لجنب وسط السويقة، عندما تعرف عليه تسلم منه الحقيبة، وأمره بالعودة من حيث آتى وواصل أطلس سيره في اتجاه حومة “أزبزط” بحي بن صالح حيث وضع حمله الثقيل في مأمن بمنزل هناك، كان يقيم فيه بمعية بن سعيد آيت يدر كلما حلا بمراكش.
بعد التخلص من الحقيبة اتجه لمقابلة حسن زغلول، وطلب منه أن يرافقه إلى المنزل لاستلام حقيبة السلاح، إلا أن هذا الأخير لم يستحسن الفكرة واقترح عليه إحضارها إلى باب الخميس قرب المدخل الرئيسي لمستشفى الأنطاكي، إذ سيكون في انتظاره رفقة أعضاء الخلية القيادية، ولتسهيل المهمة اقترح لحسن زغلول على محمد بلحاج أطلس استعمال دراجته الهوائية لحمل الحقيبة وإحضارها بسرعة ودون عناء إلى المكان المحدد.
أخذ أطلس الحقيبة ووضعها أمامه ممتطيا دراجة لحسن زغلول، ثم سار صوب باب الخميس، وبمجرد انعطافه على حومة “الموقف”، إذا بشرطيين، حسب رواية أطلس (وليس مخزنيين كما جاء على لسان محمد لومة)، وكانا من شرطة الدورية الليلية، يوقفانه بدعوى أن دراجته “عمياء”، لا تتوفر على المصباح الخلفي، شك أحدهم في أمر الحقيبة المودعة على مقود الدراجة، مسك بها فتفاجأ لثقلها، في حين كان زميله قريبا من أطلس ماسكا الدراجة.. بعد دردشة قصيرة حول محتوى الحقيبة زاد شك الشرطي فقام بفتحها باستعمال سكينه فاكتشف السلاح، وأمر زميله بتكبيل أطلس بالأصفاد.
هذه هي فحوى رواية محمد بلحاج أطلس بهذا الخصوص، مع إضافة “.. سلمت نفسي واستسلمت، إذ لم تكن عندي بقية من القوة والجهد للقيام بمحاولة الهرب!”.
هكذا أجهضت محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني والجنرال أفقير والمستشار أحمد كديرة، ليلة الجمعة 25 أكتوبر 1963، بطريقة لم تخطر على بال أحد.
ففي الوقت الذي يقر فيه محمد لومة أن الدور الذي اضطلع به محمد بلحاج أطلس خلال العملية اقتصر، إلى حدود إجهاضها، على دور لوجيستيكي محدود، وهو نقل حقيبة السلاح من حي إلى آخر بمدينة مراكش.
ها هو محمد بلحاج أطلس يروي أنه في يوم الأربعاء 23 أكتوبر 1963 عرض على بن سعيد آيت يدر الكيفية التي سيضطلع بواسطتها توصيل السلاح إلى الخلية القيادية بمراكش، وهي كالتالي: قيام أطلس بمطالبة لحسن زغلول عن طريق الهاتف باستعمال شفرة كلامية (”غوص”) لتحديد الموعد من أجل تسليمه السلاح. وذلك بعد أن يكون قد اتفق مع عبد الرحمان تاسومت قصد نقل السلاح من الدار البيضاء إلى مراكش على متن القطار المنطلق من العاصمة الاقتصادية على الساعة الثالثة زوالا، على أساس أنه سيتسلمه منه صباح يوم غد بحي “المواسين” ثم سيسلمه إلى لحسن زغلول بمنزل بوعلام، وبعد القيام بهذه العملية تكون العودة إلى الدار البيضاء في ذات الليلة (يوم الجمعة 25 أكتوبر 1963).
وحسب محمد بلحاج أطلس، فقد أشاد بن سعيد آيت يدر بهذه الخطة، لكنه استحسن المزيد من التفكير بخصوصها.
ويضيف أطلس.. “في مساء يوم الأربعاء 23 أكتوبر 1963 أخبره آيت يدر أنه أحضر السلاح، وكان عبارة عن بندقية رشاشة جديدة بخزانين أو ثلاثة للرصاص (شارجور)، كان قد تسلمها من أحد الضباط، وكان عليهما إخفاء معالم مصدرها بإتلاف أرقامها باستخدام مبرد، كما تمكن من توفير بندقية رشاشة أخرى وخزان ومسدسين وقنبلتين مع كمية من الرصاص، وهي الأسلحة التي كانت بحوزة عبد الله الزناكي المتوفى آنذاك وتركه عبد الكبير ماهر الذي لم يطله الاعتقال بفضل صمود الزناكي البطولي، إذ لم يعترف بالخلية التي كان يشرف عليها بحي “سباتة”، وهكذا فلتت تلك الأسلحة من الحجز. وبقيت كيفية نقلها من الدار البيضاء إلى مراكش.
وكانت الخطة المعتمدة، أن يسلم أطلس حقيبة السلاح بالقرب من سينما الملكية بدرب “السبليون” لعبد الرحمان بن محمد تاسومت، ثم يسبقه إلى مراكش وينتظره بباب فتوح حتى يصل إلى ساحة “المواسين”، حيث يستلم الحقيبة ويواصل طريقه لتسليمها بدوره للحسن زغلول، ثم يعود إلى الدار البيضاء في نفس اليوم لكن كيف تمت العملية داخل الميدان؟
يروي “أطلس”، أنه حضر قبل الموعد بالمكان المتفق عليه بمراكش، وحوالي الساعة السابعة والربع مساءا، رأى تاسومت يخطو خطوات رصينة حاملا حقيبة السلاح على كتفه، تبعه وسار إلى حد الالتصاق به جنبا لجنب وسط السويقة، عندما تعرف عليه تسلم منه الحقيبة، وأمره بالعودة من حيث آتى وواصل أطلس سيره في اتجاه حومة “أزبزط” بحي بن صالح حيث وضع حمله الثقيل في مأمن بمنزل هناك، كان يقيم فيه بمعية بن سعيد آيت يدر كلما حلا بمراكش.
بعد التخلص من الحقيبة اتجه لمقابلة حسن زغلول، وطلب منه أن يرافقه إلى المنزل لاستلام حقيبة السلاح، إلا أن هذا الأخير لم يستحسن الفكرة واقترح عليه إحضارها إلى باب الخميس قرب المدخل الرئيسي لمستشفى الأنطاكي، إذ سيكون في انتظاره رفقة أعضاء الخلية القيادية، ولتسهيل المهمة اقترح لحسن زغلول على محمد بلحاج أطلس استعمال دراجته الهوائية لحمل الحقيبة وإحضارها بسرعة ودون عناء إلى المكان المحدد.
أخذ أطلس الحقيبة ووضعها أمامه ممتطيا دراجة لحسن زغلول، ثم سار صوب باب الخميس، وبمجرد انعطافه على حومة “الموقف”، إذا بشرطيين، حسب رواية أطلس (وليس مخزنيين كما جاء على لسان محمد لومة)، وكانا من شرطة الدورية الليلية، يوقفانه بدعوى أن دراجته “عمياء”، لا تتوفر على المصباح الخلفي، شك أحدهم في أمر الحقيبة المودعة على مقود الدراجة، مسك بها فتفاجأ لثقلها، في حين كان زميله قريبا من أطلس ماسكا الدراجة.. بعد دردشة قصيرة حول محتوى الحقيبة زاد شك الشرطي فقام بفتحها باستعمال سكينه فاكتشف السلاح، وأمر زميله بتكبيل أطلس بالأصفاد.
هذه هي فحوى رواية محمد بلحاج أطلس بهذا الخصوص، مع إضافة “.. سلمت نفسي واستسلمت، إذ لم تكن عندي بقية من القوة والجهد للقيام بمحاولة الهرب!”.
هكذا أجهضت محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني والجنرال أفقير والمستشار أحمد كديرة، ليلة الجمعة 25 أكتوبر 1963، بطريقة لم تخطر على بال أحد.
مساهمة ضباط الجيش الملكي
لعب جملة من ضباط الجيش من ثكنة كيليز دورا
رئيسيا في اقتراح استغلال صلاة الجمعة الرسمية بمسجد الكتبية بمراكش لتنفيذ هجوم
على الملك الحسن الثاني ومرافقيه سيما محمد أفقير ومستشاره آنذاك، أحمد
رضا كديرة، وهي عملية أراد مدبروها أن يكون لها صدى قويا إذا تمكن
المنفذون من قذف القنبلتين في المكان المناسب وإفراغ خزانات الرشاشين في
اتجاه الصفوف الأولى داخل المسجد.
ومن خلال النقاش الذي دار بين الضباط وبين سعيد آيت يدر، على لسان هذا الأخير، وحسب رواية محمد بلحاج أطلس، أن العملية كانت تحتاج تجنيد ستين شخصا، علما أن ستة منهم سيتوفرون على سلاح (رشاشان ومسدسان وقنبلتان يدويتان).
كان من المقرر إشراك بعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير، المندمجين في صفوف الجيش الملكي في علميات فدائية لفك الطوق على الجزائر، منذ أن شرع الملك الحسن الثاني في إعداد جيشه لمواجهة الجزائريين. وكان بن سعيد آيت يدر هو القائم على خلايا الضباط المنحدرين من المقاومة وجيش التحرير الجنوب، وكان الكولونيل إدريس بن بوكر يضطلع بدور المنسق الوطني بين الأفراد والخلايا في صفوف الجيش الملكي، في حين تكلف الملازم حمو أمراغ بمهمة التنسيق على الصعيد الجهوي بمراكش.
في آخر اجتماع جمع بين سعيد آيت يدر بالضباط، لم يحضره الجميع لأن فيالق من مختلف الأسلحة لم تكن قد وصلت بعد إلى نقطة التجمع، بثكنة كيليز.
وخلال هذا الاجتماع أكد أحد الضباط أن الملك الحسن الثاني سيحل قريبا بمراكش وسيؤدي صلاة الجمعة الثانية من شهر نونبر 1963 بمسجد الكتبية بحضور مرافقيه المعتادين آنذاك، سيما محمد أفقير وأحمد رضا كديرة وآخرون.
وقد كان حلول الملك بمراكش وقتئذ قصد الإشراف عن قرب على استعدادات الجيش المغربي، تحسبا لأي طارئ بالحدود المغربية الجزائرية.
ومن خلال النقاش الذي دار بين الضباط وبين سعيد آيت يدر، على لسان هذا الأخير، وحسب رواية محمد بلحاج أطلس، أن العملية كانت تحتاج تجنيد ستين شخصا، علما أن ستة منهم سيتوفرون على سلاح (رشاشان ومسدسان وقنبلتان يدويتان).
كان من المقرر إشراك بعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير، المندمجين في صفوف الجيش الملكي في علميات فدائية لفك الطوق على الجزائر، منذ أن شرع الملك الحسن الثاني في إعداد جيشه لمواجهة الجزائريين. وكان بن سعيد آيت يدر هو القائم على خلايا الضباط المنحدرين من المقاومة وجيش التحرير الجنوب، وكان الكولونيل إدريس بن بوكر يضطلع بدور المنسق الوطني بين الأفراد والخلايا في صفوف الجيش الملكي، في حين تكلف الملازم حمو أمراغ بمهمة التنسيق على الصعيد الجهوي بمراكش.
في آخر اجتماع جمع بين سعيد آيت يدر بالضباط، لم يحضره الجميع لأن فيالق من مختلف الأسلحة لم تكن قد وصلت بعد إلى نقطة التجمع، بثكنة كيليز.
وخلال هذا الاجتماع أكد أحد الضباط أن الملك الحسن الثاني سيحل قريبا بمراكش وسيؤدي صلاة الجمعة الثانية من شهر نونبر 1963 بمسجد الكتبية بحضور مرافقيه المعتادين آنذاك، سيما محمد أفقير وأحمد رضا كديرة وآخرون.
وقد كان حلول الملك بمراكش وقتئذ قصد الإشراف عن قرب على استعدادات الجيش المغربي، تحسبا لأي طارئ بالحدود المغربية الجزائرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق